هادي غلام يجمع أحبابه الخانقينيين في مجلس عزائه
كنعان مراد
في كندا، تلك البلاد القصية، رسم هادي غلام، خرير الوند
على تلألؤ النجوم، وكلما كانت النجوم تختفي كان يعلم بأن مياه الوند أصابتها كدرة
ما.
ولد هادي غلام عام 1951 في حي المزرعة وسط خانقين التي
قضى فيها طفولته الأولى وملأ كأس نفسه وقلبه بثقافة وطهارة قلوب ساكنيها، لم يسمح
بسقوط تلك الكأس من بين يديه المرتعشتين بسبب المرض إلى آخر أيامه.
وأكمل هادي غلام دراسته في خانقين، وكان أيضاً رياضياً
لامعاً على مستوى محافظة ديالى والعراق.
وبالإضافة إلى التخرج في أكاديمية الفنون الجميلة في
بغداد فقد انخرط في العمل المسرحي عضواً في فرقة "تافكة" المسرحية.
عام 1974 كان واحداً من الشخصيات الرئيسة في الحلقات
الثقافية التي اقترحها (الشهيد شهاب)، والتي ضمت بالإضافة إليه كلاً من (عماد أحمد،
وحكمت محمدة كريم، وعلي شامار، وفاضل كريم، ونريمان محمود).
التحق هادي غلام بثورة أيلول وعمل في الإعلام مخرجاً إذاعياً
في منطقة "محمود قجر" التابعة لخانقين، وبعد انتكاسة الثورة تغرب إلى
إيران ومكث في مخيم "أنزل" لمدة، ثم في مخيم "سراب نيلوفر"
ومن هناك كان على تواصل دائم مع الناس ومع رفاقه في التنظيم.
وبعد مساع كبيرة استطاع الوصول إلى روسيا ومنها إلى كندا
حيث استقر نهائياً.
بعد سنوات من التغرب بين البلدان، وبذل الكثير من النضال
والمساعي لخدمة القضية الكوردية والعمل الإعلامي والفني عاد مع أسرته إلى خانقين
عام 2013 مجدداً وأصبح مسؤولاً لـ(بيت الشهيد سلام الثقافي) وبذل جهوداً مضنية
لرفع مستوى العمل الثقافي والأدبي والفني، وقام بمعية عدد من مثقفي مدينة خانقين
بإنشاء (صالون الثلاثاء) حيث يقدم نشاطاً أسبوعياً متنوعاً، إلا أنه ما لبث أن
اختار الرحيل مرة أخرى إلى كندا مرة أخرى عام 2015 وكان يزور خانقين بين آونة
وأخرى، وصادفت إحدى زياراته افتتاح مقهى عبد المجيد لطفي الثقافي عام 2017 وقدم
خلالها كلمة بالمناسبة، وكانت آخر زيارة له إلى خانقين في عام 2023 حيث قدم في
مقهى "ميلكان" ندوة ثقافية.
أما في كندا، فلم يتخلى هادي غلام عن جهوده ونشاطه وأداء
رسالته الثقافية والإعلامية وطرح نظرياته الخاصة، حيث قرر البدء في نشر مقاطع
مصورة بالفيديو تتضمن آرائه ورسائله، ولكن بعد نشر المقطع المصور الأول حال وضعه
الصحي دون نشر المزيد.
وفي يوم 27 حزيران 2025 وبعد صراع طويل ومرير مع المرض
رحل هادي غلام رحيله النهائي في كندا.
وعلى الرغم من مطالبة الكثيرين بإعادة جثمانه إلى مدينته
ورغم بذل مساع كثيرة إلا أن هذا المطلب لم يتحقق.
فقام أصدقاء ومحبي هادي غلام بنصب مجلس عزاء كبير
لاستذكار روحه الطاهرة في مدينة خانقين، مجلس خلا من جثمانه وخلا أيضاً من أسرته
وذويه، إلا أنه أثبت بأنه شخص استطاع أن يتربع على قلوب الناس إلى الأبد.
ترجمة: وكالة شفق نيوز
